مدن وقرى  نابلس

   

نابلس تتمتع بموقع جغرافي هام، فهي تتوسط إقليم المرتفعات الجبلية في فلسطين بصفة عامة، كما أنها ضمن سلسلة المدن الفلسطينية الواقعة على خط تقسيم المياه.
يحدها من الشمال جبل عيبال وقرية عصيرة الشمالية، ومن الجنوب جبل جرزيم وقرية كفر قليل، ومن الغرب والشمال الغربي قرى زواتا وبيت إيبا وبيت وزن ورفيديا، أما من الشرق والجنوب فيحدها كل من سهل بلاطة وعسكر مروان الباذان وقرى روجيب وكفر بيتا وسالم ودير الحطب وعزموط.
ورد ذكر نابلس في رسائل تل العمارنة وتقارير تحتمس الثالث باسم شاكمي "SHAKMI" وحرف الاسم إلى شكيم، وقد كانت أول رقعة نزل فيها إبراهيم عليه السلام بعد أن قدم من أور بالعراق، ثم سكنها يعقوب بن اسحق عليه السلام ويرجع اسم نابلس إلى نيابولس NEOPLOLIS وهي المدينة الجديدة التي أقامها الإمبراطور الروماني قسبازيان بعد تدمير المدينة القديمة .
نابلس مدينة كنعانية قديمة ظهرت خلال عصور ما قبل التاريخ ويعود تاريخها إلى 4500 قبل الميلاد. وقد سماها الكنعانيون شكيم أي النجد أو الأرض المرتفعة، ويعتقد بأن شكيم الكنعانية هي قرية بلاطة الحديثة التي تقع على بعد كيلو متر ونصف شرقي مدينة نابلس .
تبعد نابلس عن القدس 69 كم وعن عمان 114 كم، عن البحر المتوسط 42 كم، وترتبط بمدن وقرى الضفة الغربية، حيث تصلها شوارع بمدينة جنين شمالاً وبطولكرم وقلقيلية غرباً، وطوباس شرقاً، وحوارة ورام الله جنوباً .
نشأت نابلس القديمة في وادي طويل مفتوح بين جبلي عيبال شمالاً، وجرزيم جنوباً، أما نابلس الحديثة فقد بنيت على هذين الجبلين، ويبلغ ارتفاع جبل عيبال 940 م، وجبل جرزيم 870 م، وترتفع المدينة في المتوسط 550 م عن سطح البحر. أودية نابلس تنحدر من منطقة نابلس نحو الغرب والشرق، ومن هذه الأودية وادي التفاح، يبدأ من نابلس ويسير في خانق عميق ليتصل بوادي الزومر في منطقة طولكرم غرباً ووادي الباذان الذي يبدأ من الجبال الواقعة شمالي شرقي نابلس، ويتزود بمياه الينابيع الصدعية مثل عين الباذان ليصب في وادي الفارعة الذي يرفد نهر الأردن.
وتمتاز جبالها ووديانها بكثرة الينابيع، ففي جبل جرزيم ينبع من منحدراته الشمالية 22 عيناً. وأشهر العيون في نابلس: عين بيت الماء، رأس العين، عين الصبيان، عين القريون، عين الدفنة، عين العسل .
وتشير النصوص المصرية بأن شكيم كانت مدينة محصنة استراتيجية ذات أهمية دولية منذ 1800 سنة قبل الميلاد ، كما كانت مركزاً للديانات الكنعانية والحياة السياسية، ويفهم من النصوص المصرية أن فلسطين ابتداءً من بداية هذا العصر أصبحت علاقتها وطيدة بمصر .
ورسائل تل العمارنة (1400-1350 سنة ق.م)، تتحدث عن مدينة شكيم، تحت حكم أميرها الكنعاني لابعايو كمدينة تلعب دوراً هاماً في النزاعات ضد السيطرة المصرية على منطقة فلسطين .
بدأ نفوذ اليهود فيها عام 923 ق.م وانتهى عام 722 ق.م على يد سرجون الثاني، وبقى فيها أهلها الكنعانيون.
أما السامريون فقد سكنوا مدينة شكيم وهم فئة من اليهود لا تعترف من التوراة بغير الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى النبي موسى، وتعرف هذه الفئة بالسامريين نسبة إلى السامرة، وقد ناصبهم اليهود العداء منذ ظهورهم. ولا تزال بقاياهم موجودة في مدينة نابلس حتى هذا اليوم ولا يتجاوز عددهم 250 نسمة، وقد وضع لهم عضو برلمان في المجلس التشريعي المنتخب لأول مرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر 1995 .
سنة 332 ق.م سقطت فلسطين في يد الإسكندر المقدوني وأصبحت تابعة للإمبراطورية اليونانية حتى سنة 64 ق.م. وخضعت فلسطين إلى حكم إمبراطورية البطالمة والسلوقيين، وقد تركت الهيلينية بصماتها واضحة على بعض مظاهر الحياة أيام الحكم اليوناني وذلك بسبب إنشاء سبعين مدينة ضخمة على الطراز الإغريقي في البلاد التي احتلها جيش اليونان. وقد استخدمت كمراكز ثقافية تم بواسطتها نشر الثقافة اليونانية في بلدان العالم القديم .
وفي العصر الروماني 64 ق.م – 323 م أحيطت مدينة شكيم (السامرة) بواسطة سور، طوق حوالي 170 أكد . أما بوابة المدينة فقد وجدت في الناحية الغربية من المدينة وتضم برجين دائريين عظيمين بقطر 46 قدماً، وهي مقامة على قواعد مربعة الشكل تعود للعصر الهيليني.
ومبنى الباسليكا من السامرة (نابلس) يعود تاريخه إلى العصر الروماني .
وفي عهد هادريانوس ( 117م-138م ) أقام الرومان معبداً لجوبتر على جبل جرزيم مكان معبد السامريين .
وفي العصر البيزنطي 323-638 انتصرت المسيحية وأصبحت كل فلسطين تدين بالمسيحية ومن ضمنها نابلس وأصبحت مركزاً لأسقفية. وفي القرن الخامس الميلادي بنى المسيحيون على قمة جبل جرزيم كنيسة تخليداً لمريم العذراء في عهد الإمبراطور جستنيان (527-565) .
بنى الرومان المسيحيون قلعة مسورة بالقرب من كنيسة مريم لا تزال آثارها باقية وأعادوا بناء خمس كنائس تهدمت في حروب سابقة .
في عام 638 فتح العرب المسلمون نابلس بقيادة عمرو بن العاص في خلافة أبي بكر الصديق، وقد تعهد المسلمون بحماية من بقي من أهلها على دينه من المسيحيين على أن يدفعوا الجزية عن رقابهم والخراج عن أراضيهم .
وبعد الفتح الإسلامي أصبحت نابلس مدينة من مدن جند فلسطين الذي كانت عاصمته اللد ثم الرملة.
في سنة 1099 استولى عليها الصليبيون بقيادة تنكرد صاحب أنطاكية وبنى بلدوين الأول (1100-1118) فيها قلعة على رأس جبل جرزيم لحماية قواته . وفي سنة 1187 انتصر صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين، وعادت نابلس بقراها وبلدانها إلى المسلمين .
في سنة 1260 استولى عليها التتار، ولكنهم خرجوا في نفس السنة على يد قطز المملوكي.
في سنة 1325 زارها ابن بطوطة فوجدها مدينة عظيمة كثيرة الأشجار والماء ومن أكثر بلاد الشام زيتوناً، وبها مسجد جامع متقن وحسن في وسطه بركة ماء عذب .
في سنة 1517 سيطر العثمانيون على سورية وفلسطين ولبنان والأردن، وأصبحت فلسطين تابعة للإمبراطورية العثمانية ومن ضمنها نابلس .
في سنة 1832 دخلت نابلس تحت الحكم المصري بقيادة القائد إبراهيم باشا . في سنة 1834 ثار الفلسطينيون فيها على الحكم المصري ولكنهم أخفقوا . في سنة 1840 عادت فلسطين إلى الحكم العثماني .
وفي نهاية الحكم العثماني أصبحت مدينة نابلس قضاء، ويضم 101 من القرى . سميت جبل النار، لأن جبل النار من أسماء لواء نابلس وقيل من أسماء فلسطين، أسماها به دروز جبل لبنان. في عهد الترك اعترافاً ببسالة أهله .
كان لنابلس دوراً مهماً في ثورة 36-39 ، وحدثت فيها معارك كثيرة اهمها موقعة جرزايم وعيبال.
في عام 1967 وقعت نابلس تحت الاحتلال الاسرائيلي وفي يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) 1995 تم انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي ودخول قوات الأمن العام الفلسطينية البلدة.
يبلغ عدد سكان مدينة نابلس حسب إحصاء عام 1922، 15947 نسمة ازداد عام 1931 ليصل إلى 17418 نسمة واستمر في الزيادة إلى أن وصل 1966م 53000 نسمة وفي عام 1967 انخفض ليصل 44000 نسمة، بسبب نزوح عدد من السكان إثر حرب عام 1967 ولكنه عاد للارتفاع ليصل إلى 53360 نسمة.