اللد تقع على مسافة 16 كم جنوباً شرق مدينة يافا وأقل من 5
كيلومترات شمال شرق الرملة وتحتل موقعاً هاماً فهي عقدة مواصلات حيث
تلتقي خطوط السكك الحديدية وفيها نقطة التقاء يافا وحيفا والقدس ومصر
وعن طريقها يمكن للمسافر الانتقال من مصر إلى فلسطين ثم إلى لبنان
فتركيا.
واللد مدينة كنعانية وذكرت في الكتاب المقدس عدة مرات وعرفت بـ"لد" بضم
اللام وغير اليونانيون اسمها إلى ليدا (Lydda).
تشير نتائج أعمال الحفر والتنقيب في المنطقة إلى أن أقدم إشارة لنشاط
الإنسان في منطقة اللد إنما تعود إلى العصر الحجري قبل 12000 عاماً حيث
عثر على آثار مرحلة انتقال الإنسان من عصر الكهوف والصيد إلى عصر
الاستقرار والزارعة وذلك في مغارة شفة التي تقع في وادي النطوف على بعض
عشرة كيلو مترات عن طريق اللد ولذلك أطلق على هذا الحضارة اسم الحضارة
النطوفية.
وقد قامت في المكان الذي فيه مدينة اللد قرية زراعية قبل 9000 عام حيث
عثر فيها وفي المناطق المجاورة على أوان فخارية من نفس النوع الذي عثر
عليه في منطقة أريحا.
وقد ظهرت اللد لأول مرة في العهد الكنعاني سنة 1465 قبل الميلاد حيث
ذكرت ضمن قائمة تحتمس الثالث في بلاد كنعان وأصبحت مركزاً للدارسين
والتجار في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
في العهد الروماني أيضاً تعرضت اللد للإحراق على يد الحاكم الروماني
ستيوس غاليوس وهو في طريقه إلى القدس عام 66 م. وفي عام 68 احتلت
المدينة على يد منياسبان وسماها "ديوسبوليس" بمعنى مدينة "زيوس" التي
تعني اله اليونان العظيم غير أن اسمها القديم عاد إليها.
وفي العهد البيزنطي أصبحت اللد الأولى إدارياً في فلسطين وأصبحت ذات
مكانة مرموقة خصوصاً في القرون الأولى من العهد المسيحي.
وحتى الفتح الإسلامي لفلسطين على يد القائد عمرو بن العاص في عهد
الخليفة عمر بن الخطاب كانت اللد عاصمة لفلسطين القديمة. وبعد الفتح
الإسلامي اتخذها عمرو بن العاص عاصمة لجند فلسطين سنة 636 واستمرت
كذلك حتى تم إنشاء مدينة الرملة سنة 715م حيث احتلت مركز الرئاسة في
فلسطين.
في تلك الفترة وبين الفترتين كانت اللد مسرحاً للعديد من المعارك
الحربية التي دارت بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان ثم أصبحت العاصمة
المؤقتة لسليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي الذي كان والياً على
فلسطين.
وعند قدوم الصليبيين أحرق أهل المدينة الكنيسة وأخلوها على أهل الرملة
متجهين إلى الجنوب الغربي إلى عسقلان. وقد قام الصليبيون بإعادة بناء
الكنيسة متخذين القديس جاورجيوس (مارجرجس) "الخضر" حاميا لهم وبنى
ريكارديوس (ريتشارد) كنيسة على قبره.
وقد عادت اللد إلى أصحابها بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي على
الصليبيين في معركة حطين عام 1187. إلا أن صلاح الدين رأى
هدمها وتدمير حصونها حتى لا يستفيد منها ريكارديوس (ريتشارد) ودارت.
مفاوضات الأيوبيين والصليبيين حول المدينة إلا أن هذه المفاوضات لم
تنجح ثم عاد الفرنجة إلى الاستيلاء على المدينة وظلت المدينة بين المد
والجزر حتى دمرها المغول عام 1271.
وبدأت تنهض من جديد بعد هزيمتهم في عين جالوت وقد أقيم مسجداً في موقع
الكنيسة في العصور اللاحقة. وأصبحت اللد مركزاً للمماليك في فلسطين
وجعلوها مركزاً للبريد بين غزة ودمشق كما كانت محطة من محطات الحمام
الزاجل واستخدمت حجارة كنيستها في بناء جسر جنداس.
وقد أهملت المدينة في عهد العثمانيين إلا أنها بدأت تنهض مرة أخرى في
فترة الانتداب البريطاني وذلك بعد مرور خط سكة حديد القنطرة حيفا منها
وإنشاء مطار اللد فيها عام 1936.
بلغ عدد سكان اللد عام 1931 11250 نسمة وقدر عددهم عام 1946 بحوالي
18250 نسمة وقد كانت خالية تماماً من اليهود إلا أنه بعد احتلال
المدينة من قبل اليهود
في 12 يوليو (تموز) 1948، تم تشريد معظم سكانها الذي كان يقدر
عددهم بحوالي 19 ألف نسمة ولم يبقى منهم سوى 1052 فلسطيني. وتدفق
المهاجرون اليهود إلى المدينة فوصل عددهم عام 1949 نحو 9400 مهاجراً ثم
أخذوا في التزايد ليصبح عددهم حتى عام 1973 إلى 32200 نسمة.
ووصل عدد السكان اليوم إلى حوالي
66 ألف نسمة.
وتقع اللد اليوم ضمن المنطقة الوسطى طبقاً للتقسيم الإداري لدولة
الاحتلال التي تضم تل أبيب وباب والرملة وهود هار شارون وروحيوت والقدس
ووبتاح تكفا.
ولقد أصبحت اللد الآن مركزاً صناعياً ضخماً حيث يوجد بها مصانع
للطائرات الحربية ومصانع للمواد الغذائية والسجاد والورق والآلات
والإلكترونيات.
على الرغم من إنشاء مدينة اللد الجديدة إلا أن المدينة القديمة ما زالت
محتفظة بطابعها العربي. |