تقع
مدينة جنين عند النهاية الشمالية لمرتفعات نابلس فوق أقدام الجبال
المطلة على سهل مرج بن عامر وهي خط لالتقاء بيئات ثلاث، الجبلية
والسهلية والغورية و بهذا أصبحت مركزاً لتجمع طرق المواصلات القادمة من
نابلس والعفولة وبيسان، وهي نقطة مواصلات هامة حيث تربط الطرق المتجهة
من حيفا والناصرة شمالا إلى نابلس والقدس جنوباً .
ومدينة جنين مدينة قديمة أنشأها الكنعانيون كقرية تحمل اسم عين جيم في
موقع جنين الحالية. وفي العهد الروماني أطلق عليها اسم جينا، ولما ورث
البيزنطيون حكم البلاد أقاموا فيها كنيسة جينا، وقد عثر المنقبون
الأثريون على بقاياها بالقرب من جامع جنين الكبير ويرجع تاريخ إنشائها
إلى القرن السادس الميلادي.
في القرن السابع الميلادي نجح العرب المسلمون في طرد البيزنطيين منها
واستوطنتها بعض القبائل العربية ،وعرفت البلاد لديهم باسم حينين الذي
حرف فيما بعد إلى جنين، وقد أطلق العرب عليها هذا الاسم بسبب كثرة
الجنائن التي تحيط بها . استمرت جنين تحت الحكم الإسلامي وأصبحت تابعة
لإدارة جند الأردن الذي كانت طبريا حاضرة له.
في سنة 1103 وقعت جنين تحت الحكم الصليبي بعد أن داهمها الصليبيون
بقيادة تنكريد دوق نورمانديا، وضمت لامارة
بلدوين ومملكة بيت المقدس، وأطلق عليها الصليبيون اسم جبرين الكبرى.
وبنوا فيها القلاع وأحاطوها بالأسوار لأهميتها في جنوب المرج .
وقد هاجم المسلمون بقيادة صلاح الدين في معرض غاراتهم على الكرك،
وغنموا منها الشيء الكثير ثم انسحبوا منها إلا أنهم عادوا إليها بعد
هزيمة الصليبيين في موقعة حطين المشهورة عام
1187. ثم عادت جنين لسيطرة الصليبيين بموجب اتفاق الكامل
الأيوبي وفريدريك الثاني الإمبراطور سنة 1229، ثم نجح الملك الصالح
أيوب في اخراجهم نهائياً منها سنة 1244 وفي سنة 1255 غدت فلسطين تتبع
سلاطين المماليك، وكانت جنين تحت سيادتهم تتبع سنجق اللجون، وظلت
البلدة في حوزتهم إلى آخر عهدهم، وفي عهد المماليك كانت جنين إحدى
إقطاعيات الظاهر بيبرس.
وفي عام 1516 دخلت جنين تحـت الحكـم العثماني بعد أن وقف أمير جنين إلى
جانبهم فاعترفوا بنفوذه في سنجق اللجـون الـذي غدا تابعـاً لـولاية
دمشـق، وفي سنـة
1516 ، بنت فاطـمة زوجـة لالا مصطفى باشا جامعاً كـبيرا في جنين
.
فوتعرضت جنين للحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت حيث عسكر قائده
كليبر في مرج بن عامر فهاجمه جنود الدولة العثمانية بمساعدة أهالي
نابلس وجنين، وكادوا يقضون على الفرنسيين في تلك المنطقة، مما دفع
بنابليون إلى إرسال نجده لكليبر ولما انتصر الفرنسيون أمر نابليون بحرق
جنين ونهبها انتقاما منهم لمساعدتهم العثمانيين، وبعد انسحاب الفرنسيين
منها أصبحت مركزاً لمستلم ينوب عن والى صيدا.
ثم دخلت جنين كباقي مدن فلسطين تحت الحكم المصري بعد أن نجح ابراهيم
باشا في طرد العثمانيين، وعين حسين عبد الهادي حاكما لها، كما جعلها
مركز لواء خاصاً به، إلا أن حكم المصريين لم يدم طويلاً حيث اضطر
المصريون للخروج من بلاد الشام عام 1840. فعادت جنين قائمقاميه في
متصرفيه نابلس التابعة لولاية بيروت التي أنشئت بدلاً من ولاية صيدا.
وفي القرن العشرين ارتبطت جنين بالسكك الحديدية التي وصلتها بالعفولة
وبيسان ونابلس وفي الحرب العالمية الأولى أقام الجيش الألماني مطاراً
عسكرياً غرب جنين.
في عهد الانتداب البريطاني أصبحت مركزاً لقضاء جنين ، ولها سجل حافل
بالنضال ضد الاستعمار البريطاني والصهيوني، حيث أعلنت أول قوة مسلحة ضد
الاستعمار البريطاني عام 1935 بقيادة عز الدين القسام، واشترك سكان
المدينة في اضراب عام 1936، وقد تعرضت جنين أبان فترة الانتداب
البريطاني، إلى كثير من أعمال العنف والتنكيل والتخريب وهدم البيوت على
أيدي القوات البريطانية نتيجة لبعض الحوادث مثل قتل حاكم جنين "موفيت"
في عام 1938.
وفي 14 مايو
(أيار) 1948 تركها الإنجليز مما دفع اليهود بمحاولة يائسة
للسيطرة على المدينة فشلت أمام صمود المقاتلين الفلسطينيين بمساعدة
الجنود العراقيين وبعد توقيع الهدنة عام
1949 هاجم الفلسطينيون والعراقيون مواقع اليهود واستطاعوا استرداد عدد
من القرى مثل فقوعة وعرابة والمقيبلة وصندله وجلمة وغيرها.
وطرد اليهود منها وبقيت جنين مركزا لقضاء يتبع لدار نابلس، وفي عام
1964 أصبحت جنين مركزاً للواء جنين ضمن محافظة نابلس، وفي عام 1967
وقعت جنين تحت السيطرة الإسرائيلية مثل باقي مدن الضفة الغربية،
واستمرت كذلك حتى قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1995.
ويبلغ عدد سكان جنين الآن
حوالي 30 ألف نسمة. |